2-
عن عبد الله بن مسعود (3) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة . والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألف لام ميم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف".
رواه الترمذي (4)
مضاعفة الحسنات بعشر أمثالها ثابتة في كتاب الله تعالى بقوله { مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }(5).
وهذا الحديث يثبت أن كل حرف من كتاب الله تعالى هو حسنة تضاعف بعشر أمثالها كقاعدة وفق الآية الكريمة السابق ذكرها . وهذا لا يناقض أحاديث أخرى تشير إلى أن الله تعالى يضاعف الحسنات بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف أو ربما أكثر . فالحسنات تضاعف أضعافا مضاعفة إن أخلصت النية لله تعالى وإن تسببت في حسنات أخر.
وهذا الحديث يشير في بعض ما يشير إليه خصوصا إلى الحروف من أوائل السور مثالا لا حصرا . هذه الحروف القليلة التي لا يدرك معناها أغلب الناس لهم بتلاوتها حسنات مضاعفة رغم عدم فهم معناها .
وهي في الوقت نفسه تثير بالنفوس معاني وإشارات لا حصر لها فكيف بغيرها من آيات الله البينات.
قال سهل بن عبد الله التستري (6) رضي الله عنه : لو أعطي العبد لكل حرف من القرآن ألف فهم لما بلغ نهاية ما جعل الله تعالى في آية من كتاب الله تعالى من الفهم لأنه كلا الله تعالى وصفته وكما أنه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهم كلامه وإنما يفهمون على مقدار ما يفتح الله تعالى على قلوب أوليائه من فهم كلامه.
ولقد استنبط سلف الأمة الصالح من كتاب الله تعالى علوما جمة أولاها علوم القرآن بما فيها من أسباب النزول وعلوم القراءات والتجويد والمناسخ والمنسوخ وغريب القرآن وخطوط القرآن وإعراب القرآن وترتيب النزول وقصص القرآن وأمثال القرآن وإعجاز القرآن وأحكام القرآن وإحصاء سوره وآياته وحروفه.
كل هذا إضافة إلى علوم التفسير وكل العلوم الشرعية الأخرى فكلها أساسها القرآن . وإن في القرآن إشارات إلى كل العلوم حتى المادية والطبيعية كالفلك والرياضيات والإحصاء والطب والهندسة وعلوم النفس والاجتماع والتأريخ ، إلا أن الكتاب الكريم ليس كتابا متخصصا في أي منها فهو كتاب لهداية البشر إلى الصراط المستقيم كما قال الله تعالى { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } (7) . وهو ليس لتعليمهم علما خاصا من هذه العلوم رغم عدم تفريطه في شيء كما قال تعالى : { مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ } (
وقوله تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }(9).
قال بعض العلماء (10) : إن تحت كل حرف من كتاب الله كثيرا من الفهم مذخورا لأهله على مقدار ما قسم لهم من ذلك واستدلوا على ذلك بآيات من القرآن مثل قوله عز وجل : { مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ } وقوله : { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ } (11) وقوله : { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } (12) . وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : من أراد علم الأولين والآخرين فليتدبر القرآن
هذا الفضل التانى لقراءة القران ويستمر ............