السلام عليكم...الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..أما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى لم ينزل آية من القرآن إلا لحكمة يعلمها,بل إن ترتيب الآيات وحده معجز وكذلك ترتيب السور وأيضا استعمال ألفاظ معينة عوضا عن غيرها...كل ذلك لحكمة ولكننا لا نعلم...نسأل الله عز وجل أن يعلمنا القرآن...اللهم آمين
ومن معجزات القرآن هذه الحروف المقطعة في أوائل السور مثل(آلم),(آلر)......
وإذا جمعنا هذه الحروف كلها وحذفنا المتشابه منها تكونت لدينا جملة:
"نص حكيم قاطع له سر"
وأصح الأقوال فيها إن شاء الله ما ثبت عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما-وهما من هما في تفسير كلام الله عز وجل-وعن أناس آخرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم...
قالوا:أما (آلم) فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
(آلم):أنا الله أعلم,(آلر):أنا الله أرى,
وما نقل عن الخلفاء الأربعة من التوقف عن تفسيرها ورجحه طائفة من المفسرين فهو منقول بلا إسناد عن الخلفاء الأربعة ولو صح لكان توقفا منهم عن أمر لم يعلموا وجهه ولا يمنع غيرهم من الكلام فيه كما تكلم ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما,
ومما يرجح صحة تفسيرهما عموم قوله تعالى "{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]
وهذه آية من آياته فكيف تتدبر إن كان التوقف عن تفسيرها لازما؟
وأما القول بأنها تدل على عمر الأمة فهو قول باطل متنا وسندا وواقعا,
فالغيب لا يعلمه إلا الله,وهذه الطريقة مأخوذة عن أهل الكتاب من اليهود لا عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم وهي مخالفة لما أتى به صلى الله عليه وسلم من نفي علم الغيب عن غير الله تعالى,
خاصة أن عمر الأمة معناه انتهاء الدنيا وقيام الساعة لأن أمة الإسلام آخر الأمم فيجب رد هذا القول وإبطاله,
وأما أنها أسماء للسور وأسماء للقرآن فلا تعارض بين هذا القول وبين ما رجحناه,فإن السورة تسمى باسم أول آياتها,وهذا في الحقيقة ليس تفسيرا لها,
وأما ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية من أنها سيقت لبيان إعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها
,وهو أيضا ترجيح الفرّاء والمبرّد وقطرب والزمخشري رحمهم الله جميعا,فإنه ليس في مقام تفسيرها بل في مقام بيان الحكمة التي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السور,بغض النظر عن معانيها كما ذكره ابن كثير رحمه الله.
{ولذلك غالبا ما يأتي بعدها ذكر القرآن كما في سور البقرة وآل عمران وق وص ويس ولقمان والدخان وغير ذلك..} ....والله أعلم
اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل...اللهم آمين